لقاءٌ جمعهما
من جديد في مكتبة الجامعة، ربما كان ذاك المكان الوحيد المصرّحُ فيه بالاختلاط مع
الأنثى في قطاع غزة، وتحت أنظار عيون موظفي أمن الجامعة..
يذكر جيدًا الحديث
الذي دار معها، حين علّق ساخرًا على كتاب نوال السعداوي في يدها، قائلًا بثقة
الشرقيّ المبالغ بها: إنّ أفكارًا لا تقفُ بجانبك أو تساندك هي أفكارٌ هشّةٌ، لا
تسمن ولا تغني من جوع.
كما يذكر ردّها
الذي ما زال يطرق أذنيه: أفكاري طالما وقفت إلى جانبي، واغتصابكم لحقوقنا هو ما
يثقل كاهلي، فإن كان هناك من هشاشةٍ فهي حتمًا فيك...... أنت.
"هل
كان حضورَهُ قبل أسبوعين في ورشة العمل صُدفة؟، أم أنَّه يريدني أن أراها كذلك"
سألت نفسها.
كانت كلما
فكّرت به، انتابها شعورٌ بالقلق، فلم يسبقْ لرجل أن زار قلبها المهجور، الذي كاد
أن يمتلئ بغبار الفراغ المضجر.
فبعد أن
انتهت ورشة العمل، جاء ليلقي عليها التحية، وعندما مد يده مصافحًا، شعرت برجفةٍ في
يده.
لقد حاول
مرارًا أن يرسل لها طلب صداقة من خلال حسابها على أحد المواقع الاجتماعيَّة، وكانت
قد لاحظت أنَّه كرَّر الطلب وألغاه عدّة مراتٍ من نفسه..
كانت تحدث
نفسها: "كيف لرجل أضناه البعد والجفا والزمن، أن تظلَّ يدهُ ترتعش في يدي، إن
لم يكُ هشًا أمامي!
ولِمَ كنتُ سعيدة بأن أعطيهِ رقمي المحمول؟“
***
أمطرَ عليه
الليلُ أسئلةً، هل هو تحدٍ، أم هو حبٌّ يُضعف صلابة الحديد؟ لماذا الحبُّ هو تجاذب
التضادِ بين الضعف والقوة؟ يحاول أن يتجنّب رؤية الحبّ واقعًا في رحم الكبرياء، أو
أن يعترف به أولًا..
انقلبت أفعى
موسى على أفاعي فرعون، ووقع في شَرَكِ غايتهِ، وعصفتْ جيوش التفكير به، وباءت كل
محاولات هروبه بالفشل، حتى موسيقى الجاز التي أدمنها لم تُشف أرقه.
عاد الحبُّ
المضمور ينفجر من جديد، عاد قويًا إثر لقاء عفوي، لا غاية له إلا لحكمة القدر فيه.
***
قد لا
نستطيع أبدًا أن نتحكّم بعواطِفنا، وما يمكننا فقط هو أن نسيطر على طريقة ظهورها،
أو أن ندفنها كي تموتَ حيَّةً في داخلنا، ولكن إن استطاع أحدٌ أن يسمعَ نحيبها،
فهو لا شك الحبيب.
أحبَّتْ ما
قاله عن موطنها الأصلي في فلسطين التاريخية "أحببت لأجلكِ يافا.." وأنَّه
لم يغازلْها كباقي النساء، بل غازل عقلها لا قلبها، يعرف ما تحبّ أن تسمع، ويعلم
أنَّها لن تسمح له بالمزيد من الكلام المعسول، رأت في ذلك منه ضعفًا واحترامًا
أمام حضورها.
***
فتح هاتفه
المحمول، على أمل أن يرى رسالةً منها، لكن سرعان ما انتابه قلقٌ مسموم بأول سهم
أصاب كبرياءهُ. كان يؤمن بأن ليس من حقِّ النساء تجاهله، لم يعطِ لنفسه أيَّ عذرٍ،
ولم يفكّرْ بأنّ الرسالة ربما لم تصل إليها بعد.. فقط كل ما جال بخاطره أنها تمكّنت
من كبريائهِ.
فغالبًا إن
مسّت فتاةٌ كبرياء رجل شرقيّ، إما أن يمتهن احتقارها، أو أن يقع قتيلًا في حبها!..
***
تناولت
هاتفها المحمول لتضبطَ المنبه وهي تحاول أن تطردهُ من عقلها، اندهشت حين رأت الرسالة
على هاتفها، وشعرت بأنّه كان يرافقها في خلوتها، يتلصص فِكرها الصامت.
قالت وهي
تنظر لرسالته "لقد مرّ أكثر من أسبوعين على اللقاء ولم يجتَحْني التفكير به
مثل اليوم، والآن تصلُني رسالة منه! هل هذه الرسالة إشارةٌ لما يسمّى بالتوافق
الروحي من القدر؟‘..
ثم سرعان ما
ابتسمت لا إراديّا، كقارئ أعجبه جدًا سطرٌ من رواية، وشعرت بارتعاشٍ، بسيالة عصبيّة
باردة مرّت كالنسيم خلال جسدِها، شحنةٍ زادت من قوّتها وثقتها بنفسها؛ فقررت أن
تزيدَ من لوعتِهِ بإهمال الرّد على رسالتِهِ، عالمةً تمامًا كم سيكون هذا ضاريًا
على عنفوان كبريائه..
استيقظ بعد
ليلةٍ ذبحت بطولها صبرَهُ، أخذ هاتفه المحمول مسرعًا ليرى إن كان هناك من شيءٍ يبرّد
قلقه، لكنّه لليوم الثالث لم يجدْ أيَّ ردٍ منها.
أصابتهُ
مريم بعدم ردّها على رسالته بمرض الوقت الذي يقف عند نقطةٍ ولا يكملُ السير. كل ما
يريده الآن التحررَ منهما، كي يعود الهواء يمرُّ إلى مجراه بسلام، ويتنفّس النرجسيّة
كما اعتاد..
كان كلُّ ما
يجول حوله يمسّها، تلاحقه كسحَابة تائِهة فِي حضن الصيف، تُلقيه على صفحَة الأرْض
التي ترغب.
تدُّق باب
قلبه كَقطرة ماءٍ تنسَاب بهدوءٍ على جلمود جسده.. حتى أصبح مدركًا أنَّ لصمودِه
نهايَة.. فقرّر أن يخرُج مِن مُعتَقلِه إلى الزقاق، لعلّ الهواء يُرضيه، كان يمشِي
بلا هدف، يقودُه عقلُه الباطن رغمًا عنه.. كَخريْفٍ يُرَّنِّح شجَرَةً في
الاتِّجاه الذي يرغب، ويُسيِّره كَجنرال يجرُّ جنودَه إلى حربٍ لا يبتغونها..
وقَع نظرَه
على سنابِل قمح تنبُت بين مفاصِل الأرصفَة، كئيبةً تلوكُها المأساة بين فكيها، تنفعِل
ولكنّها باقيَةٌ أسيرةَ الساقِ فِي جوفِ الأرض. داعَبتها نسمةُ هواءٍ، فدَارت
قِبلتها عليْه، كَأنها تُناديه ليمنَحها الحريَّة، تحسَبُه رسولَها المُنتظَر. ذهبَ
يوسف نحوَها، وقطف منها سنبُلتَين، وسار في طريقِه ماشيًا فوق أرقِه وانهزامِه
الجميْل. ظلَّ بلا وعيٍ يسيْر إليها.. إلى برِّ النجاة.
شخصٌ هناك ينادِي
أُختَه "مريم"، وهنا صالُة كوافير "مريم"، وبجوارِه تمرّ
سيَارة وعلى ظهرها كُتب "مريم".... حتَّى الصُّدف تآمَرت عليْه، عذَّبته
كَطريْدٍ من مكان لآخر، حتى وجد نفسَه عند بيتِها، وأمامَه حديْقةٌ عبثَت بأسارِيرها
تنسيقات زهورِ "اللانتانا" التي تنمو منسيَّة حرةً بعيدًا عن فضول الناس..
ذهب إلى
سوبر ماركت بجوار منزلها، اشترى زجاجَة ماءٍ وارتَوى، لمسَت مُقلتُه زجاجَة عطر "
Hugo " مَرميّة كقبرٍ مجهولِ الهويّة، فغرَّد
في خاطِره أنَّها لمريم..، أخذَها، كسر رأسَها وملأَها بالماء، وقطف من الحديقَة
ورد "اللانتانا"، ووضعهُ في الزجاجة مع السُنبلتِين .. أعجَبه ما فعل من
مزج الحرية بالنسيان.. التَّفت خلفَه، فرأى أمامَه مريم خرافيّة الحسنِ، جمالُها
قطعةٌ من كتاب مقدّس حفظهُ الله من سموم الكهنة، جدائل شعرها..، وعيناها ..
تلعثم لسانُه
هامسًا: "مِن أيِّ سماء إلىَّ بُعثتِ؟"
ابتسَمَت
بَأمل يُرمِّم المَوتَ فِي أجسَادِ الجُثث الحيّة لتُبعث من جديد. لم يَعد يدرِي
كم كأس من النَّبيذ تعادل صورتها، لتذهب بذهنه هكذا إلى ما وراء الطبيعة؟
عاد إليه الوعيُ
للحظة، ورأى أنَّه قد أعطاها، دون أن يَعي، زجاجَةَ العِطر التي زرع في كسْرها سُنبلتين
وزهرة!..
تنهّد في
كلماتٍ بدَت متقطِعةً، نمّت عن ارتبَاكٍ تمكَّن منه: "هِي لكِ..، ابتكرتها
لكِ، أخشَى ألّا تُعجبْكِ.."
أخذَت يده وشدَّتْه
إليها كَأُمٍ تشبّثت بَيدِ ولدِها خشيَة الضَّياع، جلسَت مَعه على سلّم البيت، وغنَّت
لرشا رزق، بصوتٍ آلفٍ على مقام الصبا، شجي كالناي..:
"ما
تفكر صعب عليا..
أقرا بعيونك..
صدقني بنظرة
وحدة بترجم كل جنونك.. "
فغرَ فاهُ
نبضُه، فقد توّقع منها أيّ ردَة فعلٍ إلا تلك التي أرْدَته من جديد قتيلًا في حبها..!!
***
عائد إلى
الهاوية (المنطقة الفرنسية)، يمشي مبتسمًا في شارعٍ هادئ، وقلبه الفياض ينتَشي وقْع
الحدث، عائدًا إلى البيت بخطى راقصٍ مُتمَرس على إيقاع التناغُم الطبيعي، يلاطُف
الأرصفَة بقفزة هنا وهناك، كطِفل يحمِل شهادةَ التقدير يَبغي أن يُريهَا لوالدَته..
يرى شوارع
غزّة كما لو أنّه لم يرَها من قبل، تُدهِشه تجاعيدُ الحِكايات على جُدرانِها،
فالجدران أوفى لأوجاعِ الحياة من الإنسان..
فها هُنا شجرة ولدت على الرّصيف قبل مِيلاد
أجدادِه، عاشت كل عُصور النصر والظّلام والانتقام والانهزام، رجلٌ ينام على كرسيٍّ
أمام البيت، متوحدًا يراهُ لا مُتألّما..
هكذا الحياة..
فنحن نرى الأشياء بصورة تعكس حالتنا المزاجية، ظلّ يوسف يمشي إلى البيت مُكتَنِزًا
ما مضى للتوّ من ذكرى ستغدو عالمًا..
وعِند مُفتَرق
الطرق في المنطقة الفرنسيَة، قريبًا من شاطئ البحر، شاء الجَحيم أن يُداهم نَشوَته،
فلقد ظهرت أشباح بشريّة كانت تُعدّ كمينًا للانقِضاض عليه. كانوا يسمّون أنفسهم فِرقة
أُسود الدّفاع، يُقال إنّها تتّبِع لأحدِ قادة الأجهِزة الأمنيّة آنذاك، وكانت هذه
الفِرقة تُستخدم لتصفيّة حِسابات بين الأشخاص خارج نِطاق السُلطة، ضمن حماية فساد السُلطة!
آخر ما رآه
يوسف كان تَوقف سيّارة "جيب" مُصفّحة، بسرعة كافية لأن يُدرك الانقلاب من
الفرح إلى صفحة جديدة في الظّلام. حاول يوسف الرّكض، لكنْ أوقَفته مجموعةٌ من الرّجال،
ولم يقولوا أكثر من كلِمتين "اركبْ، بَدل ما نركْبك ع حمالة"... هذا آخر
ما سمعه، وآخر ما رأتْهُ عينه في ذلك المكان كان قِطعة قُماش بها رائحة غريبة تخنُق
أنفاسه..
***
تفيض أمام
مرآتها أنوثة.. تمتلك ابتِسامةً اسْمُها "امتَلكتُه" تلك الابتسامة تحظى
نصيب الأسد من السلطة والسُخرية. ولأنّ مريم أمسكت بزمام الأمور، فازت بها.
حنّ الليل
على مريم، وزارها طيفُ الصّباح وما حدث على عتبة المنزل. وقفت على المرآة تداعب
أصابِعُها أطراف شَعرها، وتستَذكر يوسف الذي طالما لم يشأ قلبُها الاعتراف بجاذبيّته،
منذ أن كان يتحايلُ الأقدار لفرصَة يبتَغي رُؤيتها.
تعطرت بعطْرها
الفواح، ووضعت زجاجة العطر يدُها، وبرمْق عينها عادت بنظرة خاطفة لزجاجة العطر،
وانتبهت لتشابُه عطرها بزجاجة الورد التي أهداها إليها يوسف، فتنهّدت.. وكانت
تنهيدتها أولّ سهم أصاب قلبَها. كان السهم كإبرةٍ في يد طبيب متمرس، لا تَشعُر معها
بأيّ ألم.
مرور
الفراشات على الزهور تمشّت هذه التنهيدة في شرايين جسدها.
من كان يُكابر على صمت قلبه، مع مرور الوقت، يزادد
دوي انفجار الحب عِندَه، مع أوّل شعلة عفوية، ليذكي نار شعورٍ غير مألوف في ثنايا
الجسد.
***
في صباح يوم
آخر، كانت على موعد للقاء عمِّها في مكتبه، داخل مبنى الأمن الوقائي. عمُّها نبيل يحتلّ
مركزًا مرموقًا في جهاز الأمن الوقائي، الذي كان من أكثر الأسماء رعبًا على الساحة
الفلسطينية..
كان يتمتّع
بسلطة خاصة مُنفصلة عن جهاز وزارة الداخلية، سلطة تمكّنه من تنفيذ أوامر سريعة،
بعيدًا عن أجهزة السلطة آنذاك، وربما ضد أفراد من السلطة نفسها!
جهاز الأمن
الوقائيّ هو أكثرُ الأجهزة الأمنيّة التي يتمتّع عملها بالسّريّة التّامة، وتتلخّص
مهامه في العمليّات الاسْتخباراتيّة الداخلية، سواء كانت جرائم داخليّة، أو فيما
يتعلّق بمكافَحة التجسّس والإرهاب. وأكثر القضايا المطروحة على طاولة الجّهاز هي
تلك التي تتعلّق بالأمن السياسي وحماية مؤسّسات السلطة. وسمِّي بالأمن الوقائي،
لأن العمل به يتمحورُ حول الكشف عن الجرائم المتعلِّقة بالأمن الداخلي قبل حدوثها،
كإجراءٍ وِقائيٍ، وهذا ما كان يُعطي الجهاز صلاحيَّاتٍ واسعة أكبر من باقي الأجهزة.
كذلك يوجد للجهاز مقرَّات منفصلة غير المبنى الرّئيسي، كما أنّه قد جنّد أفرادًا
محسوبين على أجهزة أُخرى، يعملون سرًّا لصالحه..
عناصر الأمن
الوقائي متغلغين في جميع أجهزة السلطة، ومُتبَحِّرين جدًا في الأحزاب السَياسية، وخصوصًا
المعارضةِ منها. للجهاز أيضًا سجونٌ منفصلة، طرقٌ مختلفة، وفرقٌ ودوائر أمنيّة متعدِّدة.
إنّ جهاز الأمن الوقائي، رغم دورِه الكبير في حِفظ النِّظام الدّاخلي، إلاّ أنّه
كان يتمتّع بسمْعةٍ سيّئة مقارنةً مع باقي الأجهِزة الأمنيّة..
حَضرَت مريم
إلى مبنى جهاز الأمن الوقائي، ودخلت الباب وسْط ترحيبْاتٍ من عناصِر الشُرطة المُترامية
في أنحاء المكان، والذين يشكّلون لمسة رُعبٍ إضافيّة لمن يأتي مُدانًا. كانت مريم
تسيْر في طُرق مُختلفة أشبه بالفُندُقيَّة، إلى مكتب عمّها العقيد نبيل، غير تلك
التي يسلِكُها أيُّ شخص آخر شاءت الشّمس أن تُضاجِع عَرَقَهُ..
كان عمّها محبًّا
لها، وهو من قام بترْبِيتها بعدَ استِشهاد والدها في مجزرة صبرا وشاتيلا عام 1982م،
ووفاةِ والدَتِها حزنًا عليه.
بعد أن وصلت مريم إلى مكتب عمّها، سُرعان ما ترك
كلّ شيءٍ في يده وأخذ يرحّب بها. كانت مريم هي كلّ حياته، فهو لم يحظَ بأبناءٍ إلا
بعد عشرين سنة من الزواج، بعد عدة عمليات زراعة حمل وأطفاله التوائم سيرين وحنين جاؤوه
وهو في سِنِّ الخمسين.
كل التفاصيل
المتعلقة بنبيل وزوجته كانت تستجدي متلهفة لروح طفولة لو تأتِ !
تبعث الحياة في الأرجاء الساكنة، هذه الألعاب
المركونة كانت تشتاق لو تتبعثر صدفة، والجدران الخالية من ألوان شقاوة طفل يرسم،
كراسي السفرة التي لطالما بقيت فارغة طيلة السنين المتراكمة، حتى ابتسم القدر وشاء
الله له أن يُرزق بتوأم، هدية القدر المؤجلة بعد عناء طال وطال.
التوأم في
سنّ السّابعة، والفارق بين أعمارِهم ضئيل، سيرين أكبَرُ بدقيقة من حنين.
جلسا على
المكتب، أشار بطرْفِ عينيه للنقيب رأفت للانصِراف ولتنفيذ أمر كان مؤجلًا بعض
الشيء. والأمور في أجهزة الأمن غالبًا ما تكون داخل نطاق العبث في الإنسانيّة
بنظرة أو بإيماءة، ليُفتَتَح كرنفال تعذيب المُعتقلين على أيدي السّاديين من حماة
الوطن!
ذهب النقيب،
وبدأ نبيل ينظر إلى مريم وهو يسألها عن عملِها في الجمعية، وعن رسالة الماجستير
التي تقوم بتحضِيرها، وإن احتاجت لأيّ توصِية بخصوص أيّ أمر يُعيقها. وكانت مريم
لا تَكلُّ من الرّفض وشكره، ثم سألتْه عن سبب اتصاله بها، فقال لها: كالعادة، أريد
أن أكتُب بعض الأراضي باسْمِك، كي أؤمِّن مستقبلكِ.
ضغط على جرس
المكتب، فدخل المحامي ومعه الأوراق، وسرعان ما أصبحت تمتلك دونمات، في أقلِّ من
عشر دقائق..
تركت مريم
الأوراق وتوقيعاتِها لدى عمّها، واستأذنت بالانصراف، فقام عن كرسيه ليقبلها، ثم
نادى النقيب وأوصاه بإيصالها للسيارة، وعاد أدراجه..
***