رواية حديثك يشبهني ( الجزء الثاني والآخير )

لقراءة الجزء الأول اضغط هنا

آدم
وجدت رسالة من صديقي أسامة، الذي درس معي في المرحلة الإعدادية، في مدرسة الرمال الثانوية في قطاع غزة. أسامة صديقي، الذي يتناقض معي في كل شيء.. لا يحب ما أحب، ولا يكره ما أكره، بل على العكس. هذا الشيء الذي جعله من أصدقائي المقربين. أنا على تواصل معه منذ ترك غزة وسافر إلى الإمارات هو وعائلته، قبل أن تتعمق حالة الانقسام الفلسطيني، وبدأ العمل هناك مع والده في إحدى شركات الدعاية والإعلان وتصميم مواقع الويب.

رواية حديثك يشبهني ( الجزء الأول )

ريم
وصلتُ وشيء من وميض قلبي يتناثر مع كل خطوة أطرق بها بساط الأرض, عند أول طورٍ في نطفةِ الغروب.. ومع انسحاب الخيط الأخير من الإشراق، أنفاسي تسابقني، وصوت لهاثها يعلو ويعلو، حتّى صم عني ضجيج المدينة. صوب المكتبة اتجهت.. لم أكن أعرف أن مجرى حياتي سينحدر إلى جرف لا أعلم كيف أقاوم تياره. كنت جميلة، كنت أشعر بذلك!
وما إن يمر من خلالي الحب، حتى أشعر أني اكتملت كالبدر في صورة الشاعر الجاهلي، كأني يراعة أشابه القمر في وميضه، أقامر الليل في حنينه، وأغدو المضيئة الوحيدة في العتمة، كالماسةِ في جنح الظلام.
في السيارة، تنتظرني أمي عند باب المكتبة. في العادة، لا أستطيع الخروج بمفردي لأي مكان. في صغري، كانت جليسة الأطفال ترافقني دائما، وعندما كبرت، تولت أمي مهمة المراقبة. لا أدرى لماذا يمقتني أهلي بهذا الأسلوب، ويحاصرونني وكأنهم سياجات متنقلة تأسرني على الدوام!

ماذا لو عدت للغرام؟

ماذا لو عدت للغرام؟

ماذا يحدث لو عدت أنتشي من عينيك، ولو عدت أراك بطلة كل الأغاني المفضلة، نديمتي على الأرائك الساهرة، ماذا يحدث لو عدت للغرام، للعشق، للهوى، للصبابة..
ماذا يحدث لو..

هل يعقل أن تُحب شخصًا وتطلب منه الرحيل؟ نعم.. إليك الأسباب




أودعك الآن لأني أحبك..
"كيف أحبك وأطلب منك الرحيلا؟ هل يُعقل؟"
- ثمة حب يجب أنّ يتوج بالوداع، الحب الذي لا يحقق السعادة، قلت ذلك في مرة،واختصرت الحديث، وجئت الآن لأستكمله بهذا السؤال.
كيف أحبك وأطلب منك الرحيلا؟ هل يُعقل؟
يولد أحيانًا صراع مرير بين الحياة والحب، هذا الصراع الذي ينبلج من من اختلاف رؤية كل شخص اتجاه الحب، واتجاه الحياة.
هل موجودة نظرية "أنا أحبك لكن ليس بالشكل الكافي لتستمر حياتنًا معًا" ؟
بالتأكيد، هناك فرق بين شخص تتمنى استكمال حياتك معه، وشخص يتمنى استكمال حياته معك، وبين شخص يُحبك لكن لا يبادر على أرض الواقع بأي حراك، وشخص يحبك ومستعد لفعل أي شيء من أجلك.

لماذا دائمًا، الأخ الأكبر أهم شخص في حياتك؟

"قضيت وقتًا طويلًا أفكر بالموضوع الذي سأكتب عنه، لم يكن هناك شيئًا حاضرًا في ذهني حتى اللحظة الأخيرة التى فارقت فيها ما تبقى من البارحة.
حيث كنت في سهرة برفقة أصدقاء على النيل، منهم اثنين أخوة، شدتني العلاقة المميزة بينهم، وحين دخلت صفحتي، وجدت صورة تجمعهم، فشعرت أنها اشارة ما للكتابة عن هذا الموضوع، طرحت السؤال على نفسي، لماذا الأخ الأكبر بمثابة أب؟"

رواية يوسف يا مريم ( 8 ) والأخيرة

على بُعد أمتارٍ قليلة من مياه البحر، في مدينة العريش المصرية، يقع الشاليه الذي تقيم فيه مريم..
أشجار النخيل هناك تقف شامخةً، تختلط خُضرتها مع زُرقةِ البحر، تفصل ما بين الشاليه وأمواج الشاطئ.
تستطيع التحرَّك بسيَّاراتك بسهولةٍ في هذه المدينة، لا كمائن، لا كبائن، ولا وجود إلا للحياة، تنتابُك هناك هالةٌ من الهدوء والمحبة والسكينة، تُخرِج منك أصدق ما فيك. العالم هناك منفصلٌ عن المدنية، حيث تَنفض أصوات الموج عنك الزُحام..
استطاعت مريم أخيرًا أن تحصل على خطِّ اتِّصالٍ بشبكة الإنترنت. استعدَّت للخروج إلى الشاطئ، أحضرت اللاب توب الخاص بها، وخرجت من الشاليه..

رواية يوسف يا مريم ( 7 )

فندقٌ قريبٌ من المخيَّم، بعيدًا عن هواه المُثقلِ بالألم، يُطلُّ على شاطئ البحر، وعلى أهمِّ موانئ فلسطين التاريخيَّة..
ميناء غزَّة، المكان الأجمل في القطاع، عريقٌ، لم يغبْ عن نصوص التاريخ، كان محوريًّا في العالم القديم مُتربِّعًا على طُرق القوافل التجاريَّة، وقد اُكتُشِفَت فيه مؤخرًا مجموعةٌ من الأعمدةِ والتيجان الرخاميَّة، يعودُ تاريخها إلى الفترة الرومانيَّة زمنَ الإمبراطور قسطنطين، أي أنَّها تعود للعام 335 م..
يجلس رأفت والعقيد في مطعم الفندق، المفتوح على السماء وعلى البحر، الذي يحملُ بخفَّةٍ مراكب الصيد وبعض السُّفن التي لم تتحرَّك من مكانِها منذ سنين.. سُفنٌ يزيِّنُ جانبيها الصدأ، وقِصصٌ وأساطيرٌ ألِفَها وتآلَفَ معها أبناء المخيَّم، وروَّاد المقاهي البسيطة..
بوارجٌ اسرائيليَّة على بعدٍ لا يتجاوز بِضعَ مِئاتٍ من الأمتار، يتسلَّى الجنود على متنِها باقتناصِ الصيَّادين، إذا ما تجاوزوا رصيفَ البحر..

يوسف يا مريم ( 6 )

استيقظت في الصباح باكرًا، أعدَّت قهوتها برفقٍ كما الريشة في يد الفنان، انْتَشَتْ بعَبَقِ الهيل، كان يطير في الهواء مُحتَضِنًا معه رائحة البنِّ الأسمر. لا يعكرُ صفوَ قهوتها السُّكر، مُرَّةٌ كما تعلمتها من يوسف.
فتحت جزءً من النافذة، وأسدلت السِّتار. كان ضوء الشّمس يتشكَّل على سريرها بخطوطٍ أفقيَّة، أشعة الشمس التي تقتَحِمُ غُرفتها تشكِّل حركة تناغمٍ ما بين الديكور والطبيعة. في الشّتاء أو الصّيف، في الغروب أو الشّروق، في كلِّ الأوقات تتداخَلُ الطّبيعة مع ديكور غُرفتها لتشَّكل لوحةً خاصة، فلقد صمَّمت بنفسها تفاصيل الغرفة، بجُدرانها وألوانها والسَّتائر، والشراشف، والأثاث..
كانت ترتدي قميصَ نوم ٍأزرق قصير شفَّاف، يُظهِر ملابسها الداخليَّة البيضاء، جسدها أجمل من عارضات الأزياء، منذ نعومة أظافرها وهي تُواظب على الذهاب إلى النادي، حتى أصبح جزءً من يومها. أشعَّةُ الشَّمس كانت تُلامس ساقيها البيضاوين على السَّرير، كانت تضاعف جمال ساقيها، وتضيف ما يكفي لإغراق آلاف من الرجال في حبِّها. شعرها الأسود الطويل مَرْخيٌّ على كتِفَيْها بشيءٍ من العفويَّة أو الفوضى المُشتهاة، كأنَّه يَنتَشي من ملامسة كتفيها. ونهدان مُمْتَلِئان، من الشمس يأخذان حرَّهما، الشَبَقُ في نواتيهما، يعكس أوج أنوثتها وطبيعة أحلامِها الليليَّة، نافرين، جميلين، يناديان حبيبًا واحدًا، كحبات الكرز، لكن مُحرَّمين على جميع الرجال.

كيف تنهي خلافك مع أي شخص حسب برجه؟!

اهتمامي بالأبراج شيء ثانوي مثل العناية بالزهور، لا علاقة له بأي شيء أكثر من أنها عادة مميزة، أحب ربطها بالحياة الواقعية بشكل ما..
وأنا استنادًا لتجارب الحياة والتعامل مع مختلف الناس، كان لدي انطباعات عن ذلك وعن انهاء صراع مع أي شخص حسب برجه..
ولأن الاعتذار مقبرة الخلاف، كيف يكون الاعتذار لأصحاب الأبراج التالية:
- الحمل، برج ناري يتميز بالروحانية والمثالية، معظمهم فنانون وخلاقين، فكيف تنهي خلافك مع شخص من برج الحمل؟
من المعروف عن ذوي هذا البرج أنا لديهم جانب اندفاعي للمشاركة في النزاع، لذلك عليك أن تعطيهم المساحة الكافية للغضب حتى يعودوا كما كانوا، وربما تفاجأ أنهم حتى نسو القتال من البداية.

رواية يوسف يا مريم ( 5 )

 صوتُكِ الأرجنتينيّ..
سنجلس أحرارًا على رصيف شارعِ، في مفاصل بلادي، أسرق لك وردةً حمراء من حديقة الجار، لن يمانع.. أعرف ذلك، قال لي مرة "جمال الورد هذا كلُّه صدقةٌ جاريةٌ على روح زوجتي"..
يتجرأ الحمام ويجلس بالقرب منا يلتقط الحب،..
أقول: "أريد أطفالًا بعدد هذا الحمام"، تضحكين وتُسَّمين كلَّ حمامةٍ كأنّها ابنتك، كأنّها ابنك..
حبيبتي... غنِّي!
دقائقٌ من الخجل، ثم سرعان ما يطرُبُني صوتُك، أرقص التانجو مع صوتك الأرجنتينيّ، وينتهي الحلمُ بيديك تطوِّقان ذارعيَّ وقِبلةٍ وتصفيقٍ حار..
"من أين جاء كلُّ هذا الجمع!" تقولين لي بهمس...
أقول: "أبناؤك يُفشونَ سرَّ الحب...، هذا الحمام رسول الحب"..…"..
كان هذا النص من الكتابات المفضلة، التي تُشعِل قناديل الفرح في قلبها، وإن قرأتْها يتألَّق القدرُ برسم السعادةِ على وجهها. وكانت تلك طريقةُ يوسف في الحبُّ، يكتب، فتقرأ، تعي مَقصَدَهُ، يُفرِج عن قلبه، ويَظلُّ هكذا حُبُهُمَا صامتًا..
***

محمد رمضان قصة كفاح لطيفة!

لا يمكن إنكار الصعوبات التي واجهها الفنان المصري محمد رمضان ليصل لهذه الجماهيرية السحيقة والتي لا أجد أي سبب لانكارها.
أنا لست من المهتمين بالكتابة عن الفنان محمد رمضان بالقدر ما أنا مهتم بالكتابة عن الحالة بحد ذاتها، فأنا لا أجد أي مبرر عقلاني لكل هذا الهجوم الذي يتعرض له، سمعت أغانيه أكثر من مرة وبعضها أحفظها، وتابعت أكثر من لقاء تلفزيوني معه، ولم أجد في طريقة كلامه أي غرور، كان دائم الشكر والثناء لله ولأولئك الذين وقفوا إلى جانبه، ومن الطبيعي أن يحمل محمد رمضان حقدًا دفين تجاه أولئك الذين طالما أحبطوه في بداية طريقه، واعتبر أغانيه النرجسية ردة فعل موجهه باتجاه شريحة معينة يقصدها محمد رمضان في أغنيه، أولئك السلبيون الذي يتوجون حياتنا بالاحباط!

رواية يوسف يا مريم ( 4 )

هذه هي جدران السجن، وتَشقُّقات الحائط تسمحُ بتسرُّبِ الحنينِ من مساماته.. هو الحبُّ، ذلك الفُندق الواقع في ذاكرتنا، والذي نهربُ إليه إذا ما لاحقنا الفراغ.. هو الحنين المُشتَهى، هو ليلُ هذا السّجين بلا سبب..
على الجدران تجد الشيء وضِدَّهُ، كلماتٍ ثوريَّة، رسوماتٍ وطنيَّة، ألفاظًا إباحيَّة، ورسوماتٍ ساخِرة..

رواية يوسف يا مريم ( 3 )

غمامةٌ على الوجه، كرسيٌّ يعاني الشّيخوخة، ظلامٌ دامس، تلك معالِمُ غُرفة الموت.
 يدخل النقيب رفعت، ومعه مجموعةٌ لا بأس بها من الألفاظ النابية.. يسأله يوسف: أين أنا؟ من أنتم؟..
فيجيب النقيب بصفعةٍ على وجهه، ثم يركل الكرسيَّ الذي ثُبِّت به يوسف، فينكسر ويرتَطم رأس يوسف بالأرض. يفرُك النقيب جزمته على رأس يوسف، كما يفرك المدخّن سيجارتَهُ تحت قدمه.. يكسر زجاجة شراب بكعِب قدم ضحيّته، ثم يضعْها على الأرض ويطلب من السّجّان أن يُجلِسَه عليها. وما هي إلا لحظات، وتخشع الجدران وجعًا على صراخ يوسف.